النسخة الثامنة لمنتدى طنجة المدينة المستدامة

شهدت الدورة الثامنة لملتقى طنجة مدينة مستدامة انعقادها بمشاركة حوالي 150 فاعلاً يمثلون مختلف القطاعات، بما في ذلك الهيئات المنتخبة، المصالح الإدارية، جمعيات المجتمع المدني، الباحثين الأكاديميين، النقابات، ووسائل الإعلام. تناول الملتقى موضوع “الصمود الحضري والمدينة المستدامة”، الذي أصبح ضرورة ملحة أمام التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتزايدة، لا سيما في مدينة طنجة كمدينة ساحلية تواجه مخاطر متزايدة بفعل التغيرات المناخية.
وشهد اليوم الأول للمنتدى حضور حوالي 150 من الفاعلين يمثلون الهيئات المنتخبة و المصالح الادارية و جمعيات المجتمع المدني من داخل طنجة و من عدة مدن مغربية و كذا الأساتذة و الطلبة الباحثين و ممثلي المركزيات النقابية و ممثلي وسائل الاعلام و المهتمين بالموضوع من أجل تدارس موضوع هذه الدورة من مختلف جوانبها و زواياها.
وقد تولى تسيير الجلسة الافتتاحية الأستاذ سعيد شكري نائب رئيس المرصد، الذي بين أهمية الاشتغال داخل المرصد وعلى أهمية استمرار المنتدى الذي بلغ دورته الثامنة. إضافة إلى أهمية اختيار الصمود الحضري لهذه الدورة اعتبارا إلى أهمية طنجة كمدينة ساحلية، تواجه أخطار كثيرة جدا خاصة أخطار التغيرات المناخية، وهو ما يستدعي وجود صمود حضري لمواجهة مختلف هذه الأخطار. وبعدها أعطى الكلمة لكل من رئيس المرصد السيد عبد العزيز والسيد عبد العظيم الطويل نائب رئيس جماعة طنجة، والسيد أنس الحسناوي ممثل مؤسسة Friedrich Ebert Stiftung.
وقد بين السيد عبد العزيز الجناتي في معرض كلمته أهمية الشراكة التي تجمع المرصد بجماعة طنجة وبمؤسسة فريدريش إيبرت، وهي شراكة فيها الكثير من عناصر الاستدامة. كما أن إخراج هذه الدورة يستحضر خلاصات الدورات السابقة لمنتدى طنجة مدينة مستدامة، التي تناولت العديد من المواضيع كالانتقال الطاقي ووثائق التعمير، والنقل، التي قدمت الكثير من الإجابات تهدف الوصول إلى طنجة المدينة المستدامة. أما الدورة الحالية اخترنا أن يكون موضوعها جامعا ويلامس الكثير من الإشكالات تتعلق بالصمود الحضري. ويأتي اختيارنا لعدة اعتبارات، أولها أن الصمود الحضري يجيب على الكثير من الإشكالات الخاصة بالتدبير الحضري، وثانيا أن موضوع الصمود الحضري ظل مغيبا في النقاش العمومي، وباعتبارنا كمجتمع مدني فاعل نقدر على أن تسليط الضوء عليه من شانه إخراجه للنقاش وتضمينه في العديد من البرامج والمخططات. وبهذا نعتبر أن هذه اللحظة هي لحظة لفت الانتباه لصناع القرار بأهمية إيلاء الصمود الحضري ما يستحقه لراهنتيه وفاعليته في مواجهة المخاطر الخاصة بالتغيرات المناخية. وثالثا أن موضوع الصمود الحضري يربط بين مواضيع عدة ترتبط بأسئلة تدبير المجال ورسم المخططات الاستباقية. كما أنه كلما كان النقاش المجتمعي متاح، كلما انخرط مختلف الفاعلون في التدبير الترابي، وكلما تزايدت فرص إنجاح التصور الجماعي حول آليات الصمود. ومن شأن فاعلين في مجال التدبير الترابي وخبراء وأساتذة باحثين، إغناء هذه الدورة والخروج بتوصيات قيمة.
بعدها تولى الكلمة السيد عبد العظيم الطويل نائب رئيس جماعة طنجة، الذي بين أهمية التنمية المستدامة خاصة في ظل التحديات التي أصبحت تواجهها مختلف المجتمعات. وتعد الجماعات المحلية ركيزة أساسية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعدة اعتبارات. وتعتبر مدينة طنجة كغيرها من المدن المغربية الأخرى، عرضة لتحديات ومخاطر تتعلق أساسا بالتغيرات المناخية، والتوسع الحضري وإشكالية النقل، والإجهاد المائي، حيث يعمل مجلس جماعة طنجة على مواجهة مختلف هذه المخاطر وإيجاد حلول لها إلى جانب مختلف الشركاء. وتسعى جماعة طنجة كذلك إلى تنزيل أهداف التنمية عبر مخطط عملها 2022/2027، إلى جانب تطوير برامج التكوين وعقد شراكات مع فاعلين وشركاء دوليين. ويبقى التخطيط الحضري الجيد هو الوحيد القادر على ضمان الوصول إلى الخدمات والمرافق العامة، وضمان العيش الآمن.
وفي معرض كلمته أشار السيد أنس الحسناوي ممثل مؤسسة Friedrich Ebert Stiftung، إلى أهمية التعاون والشراكة التي تجمع مؤسسة بمرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، والتي تعتبر شراكة نموذجية ضمن عمل المؤسسة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. كما بين أهمية الجانب التنظيمي للمرصد والذي يجمع بين أحزاب ونقابات وجمعيات، تشتغل كلها حول قضايا تهم مدينة طنجة. وهو ما يجعل عمل المرصد يستحق التقاسم كتجربة رائدة لعمل المجتمع المدني الفاعل. كما أكد على أن مستقبل المرصد بما راكمه من تجارب وتقارير ومؤشرات، تستدعي دخوله غمار المنتديات الوطنية. إلى جانب الانفتاح على مقاربة النوع باعتبارها عنصرا أساسيا ضمن المخاطر التي تطرحها التغيرات المناخية، والتي تمس النساء على الخصوص.
الجلسة العلمية لليوم الأول
وبعد الكلمات الافتتاحية تم الانتقال إلى الجلسة الأولى للمنتدى والتي أطرها كل من:
✓ ذ، الحسين بوحوص: المفتش لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
▪ “طنجة: الدينامية الحضرية في مواجهة تحديات الصمود” بين من خلالها التحديات التي أصبحت تواجه طنجة والتي ترتبط بالعامل الديمغرافي والتوسع الحضري، حيث استدل بالتطور الديمغرافي الذي شهدته مدينة طنجة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024. ويتم اتخاذ العديد من الإجراءات إلى جانب المنعشين العقاريين لتوسيع الوعي بأهمية الصمود ومواجهة المخاطر. ومن أبرز ما جاء في مداخلته وضع خريطة للمخاطر تكون خاصة بكل مدينة.
✓ ذ، محمد العمراني: المديرية الجهوي للبيئة بجهة طنجة تطوان الحسيمة:
▪ “المحاور الأساسية للقدرة على الصمود، في علاقتها بمخاطر التغيرات المناخية والتنمية الترابية للمدينة”. تطرق خلالها إلى أبرز التحديات التي تطرحها التغيرات المناخية.
✓ ذ، محمد السفياني: رئيس جماعة شفشاون، ونائب رئيس الحكومات المحلية من أجل الاستدامة
▪ “تقاسم تجارب فضلى على مستوى المؤسسات الدولية، وجهود مدينة شفشاون للصمود الحضري”. تطرق في عرضه إلى تجربته ضمن المؤسسات الدولية خاصة من موقعه كنائب لرئيس ICLEI – شبكة الحكومات المحلية من أجل الاستدامة. كما قدم أبرز البرامج والمخططات التي أنجزتها وتنجزها مدينة شفشاون لمواجهة إشكاليات التغيرات المناخية.
✓ ذ، جلال معطى: خبير في مجال التنمية والاستدامة
▪ ” الإطار المفاهيمي للصمود، وتحديات الصمود بجهة طنجة تطوان الحسيمة”. تقديم مفاهيم مرتبطة بالتغيرات المناخية والتأقلم ، والتكيف والصمود. وارتباط المخاطر هشاشة المنظومات البيئية. وأكد على ضرورة تجميع الجهود وتوفير قاعدة معلومات للجميع تمكن من التدخل الفعال. وإشراك الفاعل الترابي في صنع وإعداد السياسات العمومية.
وقد شهدت المداخلات نقاش مستفيض وبناء، ساهم في اغناء الجلسة الأولى.
اليوم الثاني: من التخطيط إلى التطبيق
افتتحت أعمال اليوم الثاني بجلسة أدارتها السيدة أسماء خرخر، عضوة المكتب التنفيذي للمرصد، تمحورت حول موضوع “إدارة الأزمات والكوارث في المجال الحضري”. تضمنت الجلسة عروضاً علمية قدمها خبراء محليون ووطنيون متخصصون في التنمية المستدامة وإدارة المخاطر. تناول الأستاذ حسن أغزول استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية ودورها في تقليل تأثير الكوارث على المدن. كما ركز الأستاذ محمد نبّو على دور المدن الإفريقية في تعزيز الصمود الحضري، مشيراً إلى أهمية بناء شبكات تعاون إقليمية. أما الأستاذة نجوى معروف، فقد أوضحت أهمية التخطيط الترابي الدقيق لتقليل هشاشة النظم الحضرية أمام الكوارث. وسلط الأستاذ عبد الرحيم كسيري الضوء على الشراكات الوطنية والمحلية كآلية أساسية لتعزيز صمود المدن، وقدم نظرة شاملة حول الوضعية الراهنة وطنياً فيما يخص الإجراءات الاستباقية في ظل الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية.
ورشتا العمل
إلى جانب الجلسات العامة، شهد اليوم الثاني انعقاد ورشتين عمليتين لتعميق النقاش والخروج بتوصيات عملية:
الورشة الأولى: بعنوان “كيف نعزز قدرة مدينة طنجة على التكيف مع الكوارث الطبيعية؟”، أدارها الأستاذ أحمد الطاهري. ناقش المشاركون نقاط الضعف الرئيسية التي تجعل طنجة عرضة للكوارث الطبيعية، مثل سوء تخطيط البنية التحتية وضعف أنظمة الصرف الصحي. خلصت الورشة إلى توصيات عملية شملت إجراء تقييم شامل لمناطق الخطر، إنشاء قاعدة بيانات لمتابعة التغيرات المناخية والمخاطر المحتملة، إنشاء لجة للمجتمع المدني للتتبع والترافع، تطوير شبكات تصريف المياه، تعزيز المساحات الخضراء، وتنظيم حملات توعية لتشجيع السكان على تبني ممارسات مستدامة.
الورشة الثانية: بعنوان “نحو نموذج جديد لمدن قادرة على مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية والاجتماعية”، أدارها الأستاذ بنيخلف محمد. تناولت الورشة أهمية التخطيط الاستباقي ووضع خرائط للمخاطر والهشاشة بناءً على تشخيص علمي دقيق. كما أوصت بضرورة تخصيص ممرات خاصة للنقل العمومي لتعزيز استدامة التنقل الحضري، واعتماد أنظمة متطورة لاستشعار الكوارث وتنبيه السكان، مع تعزيز قيم التضامن الاجتماعي، وغيرها.
التوصيات العامة
خلص الملتقى إلى مجموعة من التوصيات الشاملة لتعزيز الصمود الحضري، أبرزها:
تطوير خطط استباقية دقيقة تحدد أدوار الفاعلين وآليات التدخل. إدماج مفهوم الصمود الحضري في السياسات المحلية وبرامج التخطيط العمراني. إعداد خرائط للمخاطر والهشاشة تعتمد على بيانات دقيقة. تحسين شبكات النقل العام وتخصيص ممرات خاصة لتخفيف الضغط على البنية التحتية. تعزيز الصمود الاجتماعي عبر نشر قيم التضامن المجتمعي والتآزر. اعتماد تقنيات حديثة لاستشعار الكوارث وتنبيه السكان بطرق فعالة. تعزيز الشراكات المحلية والدولية لدعم المبادرات المستدامة.